سوزان مبارك سيدة مصر الأولى و الحاكم الفعلي لها

 -سوزان مبارك:


نسبها و عائلتها:

سوزان مبارك، إسمها قبل الزواج هو سوزان ثابت، هي زوجة الرئيس المصري السابق حسني مبارك، و أم إبنيه الإثنين علاء و جمال مبارك.

سوزان من مواليد 28 فبراير 1941 بمدينة مطاي محافظة المنيا مصر، و تبلغ من العمر حاليا 80 سنة، والدها هو "صالح ثابت" الطبيب المصري من أصل بورسعيدي، الذي كان يدرس الطب في جامعة كارديف ببريطانيا، و هناك تعرف على والدتها الويلزية "ليلي ماي بالمر"، و هي مسيحية الديانة كانت تعمل معه في نفس المستشفى، هناك من يقول أنها كانت ممرضة، و هناك من يقول أنها كانت تعمل في قسم الإدارة. عندما عَرَّفَت "ليلي ماي بالمر" الدكتور صالح ثابت على عائلتها رَفَضُوه و اعتَرضُوا على زواجها منه، لكنها تخلت عنهم من أجله، و هربت برفقته إلى مصر تاركةً ورائها كل شيء، بلدها و عائلتها و عملها و أصدقائها من أجل حبيبها الطبيب صالح.

دراستها و تعليمها:

تلقت سوزان تعليمها الثانوي في الثانوية الأمريكية "سانت كلير" بمصر الجديدة، و إشتغلت بعدها كمدرسة لغة إنجليزية، و بعد أن أصبح زوجها حسني مبارك نائباً للرئيس أنور السادات، تقدمت سوزان لإمتحانات البكالوريوس في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، و تحصلت على الشهادة سنة 1977، و من بعدها حصلت على الماجستير في علم الاجتماع من ذات الجامعة.

-زواجها من الرئيس حسني مبارك:

صورة لسوزان مبارك عندما كانت شابة أثارت الكثير من الضجة في مصر 

أول لقاء:

بعد أن تخرج حسني مبارك من الكلية العسكرية الجوية سنة 1950، إنتقل ليعمل كأستاذ بكلية الطيران، حينها نشأت علاقة صداقة قوية بينه و بين أحد طلابه الذي ساعده حسني كثيرا و وقف إلى جانبه، و كشكرٍ على توجيهه و دعمه له دعاه هذا الطالب إلى جلسة عائلية ليعرفه على أهله، و كان هذا الطالب هو منير ثابت أحد أشقاء سوزان ثابت، فَقَبِلَ الأستاذ حسني دعوة طالبه و ذهب إلى زيارته، و هناك إلتقى أول مرة بالصبية الجميلة سوزان ثابت شقيقة تلميذه، و التي أصبحت لاحقاً شريكة حياته و أم أولاده، و قالت سوزان في إحدى لقاءاتها عندما سُئِلَت عن كيفية تعارفها مع زوجها حسني، قالت "والدي كان طبيب بيشتغل في القومسيون الطبي، و كنا ننزل في فندق العزل، و نستمتع بالمناطق و الشواطئ في بورسعيد، و كنا كلمنا شقيقي و احنا هناك بيقولنا أنا جايب معايا استاذي الشاب الوسيم، و كان أخويا بيشكر فيه و يقول أستاذي في الطيران جد ملتزم وقتها، كان بيحب تلامذته يكونوا أحسن طيارين، و دي كانت أول مرة نلتقي بشخصية نسمع عنها لمدة 3 سنوات خلال دراسته بالكلية و حصل اللي حصل".

زواجها من حسني مبارك:

بعد أن حضر مبارك للتعرف على عائلة تلميذه، أُعْجِبَ بهم كثيرا و راقت له معاملتهم و حسن ضيافتهم له، كما أعجب بإبنتهم سوزان و بجمالها و حيويتها، و كان عمرها وقتها خمسة عشر سنة، فتقدم لخطبتها من والدها مباشرة دون مقدمات، و وافقت العائلة بدون تفكير نظرا لإعجابهم بأخلاق حسني و تواضعه، حيث كان شخصية جد رزينة و هادئة بالإضافة لكونه الأستاذ المحبوب من طرف إبنهم، و تمت الخطبة بصفة رسمية سنة 1956، لكن نظرا لسن سوزان الصغير تأجل الزواج لما بعد 3 سنوات.

كانت سوزان تمارس الجمباز و رقص الباليه قبل الزواج، و كانت تحلم أن تكون يا إما مضيفة طيران أو لاعبة جمباز أو راقصة باليه محترفة، و قالت أنها كانت تقول في نفسها لو لم أصبح أي واحدة من الذي سبق لأردت أن أصبح ملكة، كما قالت أنها حلمت مرةً بأنها ستصبح ملكة و إمرأة ذات شأن عظيم في المستقبل.

عُقِدَ قران الثنائي سنة 1959، و كانت تبلغ سوزان حينها 18 سنة، بينما كان عمر حسني مبارك 31 سنة، كان وقتها برتبة رائد في القوات الجوية المصرية، و كانت هي مدرسة لغة انجليزية براتب شهري قدره 11 جنيه في الشهر.

بعد الزواج، عاش الزوجين في شقة بسيطة في منطقة مصر الجديدة، و أنجبت سوزان لاحقا إبنهما البكر علاء مبارك بتاريخ 26 نوفمبر 1960، و بعدها بثلاث سنوات أنجبت إبنهما الثاني جمال مبارك بتاريخ 27 ديسمبر 1963، و أكملا الثنائي حياتهما في ظروف معيشية متوسطة.

بعد ترقي حسني مبارك إلى رتبة قائد القوات الجوية المصرية سنة 1972، و قيادته لحرب أكتوبر 1973، إلتحقت سوزان باللجنة القومية للمرأة التي كانت تترأسها جيهان السادات زوجة الرئيس أنور السادات، و عملت على بناء علاقة صداقة وطيدة بينهما، و سعت جاهدة لحشر نفسها في دائرتها الضيقة، ليصبحو بعدها صديقتين مقربتين، مما ساعد في طرح إسم حسني ليكون نائبا للرئيس، و فاز بالمنصب سنة 1976، ليقفز بمنصبه من قائد للقوات المسلحة الجوية المصرية إلى نائب للرئيس أنور السادات.

بعد تعيين حسني مبارك نائباً للرئيس أنور السادات في 16 أبريل عام 1975، تركت سوزان شغلها كمدرسة و مكثت في البيت، و بدأت تولي إهتماما أكبر بالقضايا الاجتماعية، حيث منحت معظم وقتها للجمعيات و اللجان الداعمة لقضايا المجتمع، الأمر الذي حفزها لللإلتحاق بالجامعة الأمريكية بالقاهرة سنة 1977 و الحصول على شهادة بكالوريوس و ماجستير في علم الاجتماع، لتصبح لاحقاً سيدة مصر الأولى بعد إغتيال أنور السادات في 14 أكتوبر 1981، و تَسَلُم زوجها حسني مبارك رئاسة جمهورية مصر العربية بشكل رسمي، و قالت سوزان في هذا السياق "و مين كان يفكر شابة صغيرة تتجوز طيار صغير، أسرتنا كانت بسيطة و ربينا ولادنا أحسن تربية، و لا كنا نتخيل إننا هنصبح في المنصب ده يوم من الأيام "

صورة عائلية للرئيس حسني مبارك و زوجته سوزان برفقة نجليهما علاء و جمال مبارك 

-لمساتها في الحكم:

بعد إستلام حسني مبارك زمام الرئاسة بشكل رسمي، حرصت سوزان على ترك بصمتها واضحة في الحكم، خاصة في مجال حقوق المرأة و الطفل، و يرى البعض أنها كانت الحاكم الفعلي لجمهورية مصر، بسبب تدخلاتها المستمرة في القوانين المسنة و قرارات زوجها حسني مبارك.

تعد سوزان المؤسس الأول و الرئيس لجمعية الرعاية المتكاملة التي تأسست عام 1977 منذ كان زوجها حسني مبارك نائبا للرئيس أنور السادات، و سعت من خلال هذه الجمعية لتوفير الرعاية و مختلف المتطلبات للأطفال المصريين بتقديمها العديد من الخدمات في المجالات الصحية و الإجتماعية و الثقافية لهم، و كرست جل مجهودها ليحصلوا على أحسن درجة من الرعاية الصحية و التعليم، مع الحرص على حمايتهم من الآفات و المشاكل الإجتماعية، و طرحت من خلال جمعياتها العديد من القوانين التي من شأنها أن تحسن من حياة الطفل المصري، كما سعت لتنمية مواهب الأطفال و توفير ظروف ملائمة لاخراجها و تطويرها، كل هذا من أجل توجيههم بطريقة صحيحة لبناء مجتمع متماسك و قوي، و النهوض بمصر عن طريق أطفالها.

بالإضافة إلى كل ما سبق، ترأست سوزان مبارك جمعية الهلال الأحمر المصري، و أشرفت على تدشين مشروع مكتبة الأسرة من خلال مهرجان القراءة للجميع عام 1993 بالتعاون مع الهيئة المصرية للكتاب، و كان هدفه الأساسي طبع الكتب بكل أنواعها بأسعار جد زهيدة تبدأ من جنيه مصري واحد، و قد حقق هذا المشروع نجاحا جيدا.

ترأست سوزان سنة 2000 المجلس القومي للمرأة المصرية، و أخذت تحت غطاءه العديد من القوانين المهمة في ما يخص الزواج و الطلاق و العلاقات الأسرية بأنواعها، و أعطت العديد من الحقوق للنساء المصريات لم يكن يتمتعن بها، حيث ساوت الكفة بين الرجل المصري و المرأة المصرية، و كان من أهم هذه القوانين هو إباحة الخلع و تقديم تسهيلات في قضايا الخلع بصفة عامة مما أدى إلى إرتفاع نسبة الطلاق في المجتمع المصري من 11% قبل سنة 2000 إلى 45% في فترة ما بين 2000 و 2009، كما فرضت الكشف الطبي للعروسين قبل الزواج، و القيام بتحاليل مختلفة للكشف عن فيروسات الدم و المناعة التي من شأنها أن تنتقل عبر العلاقات الجنسية، و رغم أنه قرار يصب في صالح الزوجين و يجنبهما الإصابة بالعديد من الأمراض إلا أنه كان لديه الكثير من المعارضين و الرافضين له بصورة غريبة في مصر، متهمين سوزان بأنها تفتح المجال بطريقة غير مباشرة للعلاقات الغير شرعية و العلاقات المثلية و الشاذة لما سببه هذا القرار من إمتعاض الشباب المصري عن الزواج، ليس هذا فحسب بل حظرت السيدة سوزان مبارك زواج البنات دون سن الثامنة عشر ،و نتج عن هذا القرار انتشار الزواج العرفي بشكل واسع في مختلف قرى و مدن مصر.

ترأست سوزان المركز القومي للطفولة و الأمومة، و قامت من خلاله بمساعدة الأطفال اليتامى و المتشردين و مجهولي الهوية، و ضمان حقوق للأمهات المطلقات و الأرامل و غيرهم من النساء المضطهدات في المجتمع، كما أعطت الحق للطفل بتقديم شكوى ضد والديه في حالة تعنيفهم له لفظياً أو جسدياً، و أتاحت للأمهات تسجيل أطفالهم في حالة عدم وجود عقد الزواج بحيث يتم كتابة إسم رباعي في خانة الأب دون وجود أي علامة في شهادة الميلاد تبين أن ذلك الإسم ليس لوالد الطفل الحقيقي. و العديد من القوانين غيرها التي جعلت المرأة تتفوق على الرجل من ناحية الحقوق و التسهيلات القانونية، و هذا كله عن طريق صديقتها مشيرة خطاب التي عينتها سوزان شخصياً كوزيرة للأسرة و السكان، و قامت بواسطتها بسن الكثير من القوانين التي كانت تؤمن بفعاليتها على المجتمع المصري.

حرصت سوزان طول سنوات حكم مبارك على مرافقته في مختلف زياراته الرسمية داخل الوطن و خارجه، كما كانت تحب مشاركته استقبال ضيوفه من الرؤساء و الشخصيات المهمة، فكانت سوزان تظهر بجانبه ممسكة بيده و هي بكامل ثقتها و أناقتها، و ظلت تدعمه إلى غاية إجباره على التنحي عن كرسي الرئاسة في 11 فبراير عام 2011 بعد إنتفاضة شعبية ضده استمرت 18 يوما، و تم تحويله بعدها إلى المحاكمة بتهمة الفساد المالي، و إصدار أوامر بقتل المتظاهرين أثناء الانتفاضة المصرية و الذين بلغوا أكثر من 800 قتيل و إصابة 6000 آخرين.

بعد تنحي الرئيس مبارك من على الكرسي و إحالته إلى العدالة، وَجَهَت النيابة و جهاز الكسب غير المشروع التابع للنائب العام الكثير من الاتهامات للسيدة سوزان مبارك أبرزها تحقيق ثراء غير مشروع و الاستيلاء على المال العام المصري، و التصرف الشخصي بالتبرعات المالية الموجهة للمؤسسات و الجمعيات الخيرية التي كانت تديرها، بالإضافة إلى تهمة إهداء عملة أثرية لمكتبة الإسكندرية، و بناءاً على هذه التهم قررت النيابة حبسها 15 يوما على زمة التحقيق، لكن رئيس المجلس العسكري المشير "طنطاوي" تَدخَل وقتها، و مَنَعَ حبس السيدة سوزان بعد أن تنازلت على كل أموالها للدولة.

و إلى هنا لم ينتهي دور سوزان مبارك، حيث قامت سوزان بتهديد الحكام العرب بنشر فضائحهم الجنسية إذا لم يَتَدَخَلُوا لإيقاف محاكمة زوجها، و هددت بفضحهم في حال إصابة حسني مبارك أو أحد نجليها بأي مكروه، مأكدةً أنها تحتفظ بفيديوهات مدتها 30 ساعة كاملة تضم فضائح جنسية بالجملة لمسؤولين مصريين و آخرون عرب، قامت بجمعها بمساعدة "صفوت شريف" عن طريق الشبكات السرية التي يديرها و التي تمتد إلى الأقطار العربية كلها، و إستخدم فيها فتيات إعلانات و راقصات و ممثلات أفلام إباحية لإغراء الحكام و تسجيل فيديوهات فاضحة لهم، و بالفعل دَعَت الكثير من الدول العربية من خلال إعلامها لمسامحة حسني مبارك و تخفيف الحكم عنه عن طريق إلتماس الاعذار له، و لكن قرار مُحَاكَمتِه هو و بعض الشخصيات السياسية الأخرى كان نهائياً و مفروغاً منه، و تم محاكمته بتاريخ 1 أبريل 2011،حيث حُكِمَ عليه بالسجن المؤبد لآخر يوم في حياته، إلى غاية جاء الرئيس عبد الفتاح السيسي و أعطاه حُريتهُ.

و تعد فترة حكم حسني مبارك التي رافقته فيها زوجته سوزان رابع أطول فترة حكم في المنطقة العربية، و بالتالي أطول فترة حكم لسيدة أولى عربية عُرِفَت بقوتها و ذكائها و تدخلاتها السياسية الثابتة، و كفاحها لآخر لحظة من أجل زوجها الرئيس و أولادها. كما سعت سوزان جاهدةً لتسليم إبنها جمال الكرسي بعد والده، و لكن محاولاتها جاءت بالفشل أمام ثورة الشعب و رفضهم القاطع لبقاء عائلة مبارك على رأس مصر.

كان آخر ظهور إعلامي للسيدة سوزان مبارك أثناء إحياء أول ذكرى لرحيل زوجها حسني مبارك، و الذي غادر هذه الحياة بتاريخ 25 فبراير 2020 عن عمر ناهز 91 سنة، حيث حضرت إلى مراسم إحياء الذكرى رفقة إبنيها علاء مبارك و جمال مبارك و زوجته، بالاضافة إلى محامي العائلة السيد "فريد الديب". جلست سوزان لمدة 30 دقيقة أمام ضريح زوجها المرحوم، و اكتفت بقراءة الفاتحة على قبره فقط، و بعد نصف ساعة انسحبت سوزان من المكان تاركةً نجليها يستقبلان عزاء محبي والدهما الذين كانوا متواجدين بقوة لدعم عائلة مبارك معنوياً و نفسياً.

صورة لسوزان مبارك أثناء وصولها إلى مراسم إحياء الذكرى الأولى لوفاة حسني مبارك